تطبيق “هويتي” / محمد افو
تانيد ميديا : قبل سنوات كتبت عن شخصية ” بطاح ” القوية والحاضرة في كل الأحداث .
بطاح حاضر قبل الحدث وأثناء الحدث وبعد الحدث.
فقبل الحدث يكون ساخرا من الحكومة والدولة والرئيس والمدير والمعلم والضابط ..الخ .
وأثناء الحدث يكون مشككا و متهما ومفسرا للنوايا .
أما بعد اكتمال الحدث فهو مبخس ومتفه ومقزم .
بطاح ليس مهتما بحياة الناس وإنما بتحلقهم حول فراغه ، يحب الثرثرة السلبية ، ويبذل جهدا كبيرا في تعزيز اليأس وتجذير الإحباط .
بطاح معجب بكل شيء خارج البلاد ومشكك في كل شيء داخلها ، ومهتم بدخول كل التصنيفات الاجتماعية ، فهو يعتبر الاعتراض معارضة و سوء الأدب شجاعة وتكسير المجاديف وخرق السفينة تضحية .
له رأي واحد في السياسة والفكر والثقافة والأمن والتعليم وكل شيء ، مفاده أن كل شيء فاسد .
قبل أيام خرج كعادته متحدثا عن تدشين تطبيق “هويتي” باعتباره حدثا هامشيا تم تضخيمه ليفتتحه رئيس الجمهورية شخصيا .
وحين تفتشون في تدويناته ونقاشاته قبل اشهر ، ستجدون من بينها حديثا مزبدا ومرعدا عن طوابير المواطنين أمام شبابيك الحالة المدنية وعن معاناتهم ، وقد تجدونه يتحدث عن مقارنة بين بلادنا ودولة الإمارات العربية المتحدة في مجال الأتممة ، فقط لتوسيع دائرة العرض سينمائيا ، دون استحضار لفارق الثروة أو التجربة .
لكن دعونا ندشن تطبيق ” هويتي ” على غرار دولة الإمارات مثلا .
ستجدون بطاح خرج مجاهرا بدائرة عرض سينمائية أخرى ، وركز بؤرة الضوء على تفاهة المنجز وتخلفه و تأخره مقارنة بتقنيات “سبيس إكس” وأنه مشروع لا فائدة منه .
بطاح يستخدم المعاناة كأداة تدفئة لحضوره ، وحين تنتهي المعاناة يحرق المنجز أيضا لذات الغاية .
إذا دعونا نسأل صديقنا المواطن عن تطبيق ” هويتي ” لنستطلع وجهة نظره غير المهتمة بعدد اللايكات و التعليقات .
دعونا نسأل عائلة تلتف حول مسن لا يستطيع الحركة وهو بحاجة لأوراقه الثبوتية في العلاج والسفر والرعاية الاجتماعية .
دعونا نسأل الجاليات المتفرقة في مدن العالم والتي تضطر للتنقل مئات الكيلومترات لاستصدار مستخرج لا غنى لها عنه في معاملة رسمية .
دعونا نسأل مواطنا في المملكة العربية السعودية كان يضطر للسفر من المدينة المنورة إلى جدة ( اكثر من 400 كم ) مصطحبا معه مسنة محمولة في فراشها أو مريضة منتزعة من سرير الرعاية في المستشفى ، كي يقدم طلبا لجواز سفر ، وبعد اسبوع أَو اسبوعين سيضطر لإحضارها من جديد لاستلامه .
دعونا نسأل مئات المصطفين في الطوابير كل يوم أمام كل مراكز الحالة المدنية على امتداد الوطن وفي السفارات والقنصليات ، عن ماحققه تطبيق “هويتي” من توفير لوقتهم وجهدهم .
دعونا نسأل مغتربا في بلد ليست به سفارة ولا قنصلية ولامكتب حالة مدنية عن معاناته من أجل الحصول على أوراقه الثبوتية أو تجديدها أو عمل توكيل لشقيقه للقيام بإجراءات تتعلق بأبنائه داخل الوطن .
بلا شك سنجد إجابات لا تسر السيد بطاح ولا تنتمي لمفارقاته ومقارانته التبخيسية العدمية .
نعم كان على رئيس الجمهورية أن ينال شرف تدشين هذا المشروع لأن شرف القائد يصدر من خدمته لمصالح شعبه .
وفي لحظة قص ذلك الشريط من قبل الرئيس بدأ العد التنازلي الفعلي لإنهاء معناة كبيرة وشاملة ومنهكة لكل مواطن موريتاني أينما كان .
بقص ذلك الشريط تعززت أهم خطوة في تقريب الخدمة من المواطن .
وبقصه امتلك المواطن صلاحية الخدمة الذاتية والدخول إلى قاعدة بيانات سرية و كبيرة وحساسة ، بأمان تام .
والأهم من كل ذلك هو أن هذا المشروع ليس مشروعا سياسيا يمكن لأي كان استغلاله ، إنه مشروع سيخدم كل الموريتانيين اينما كانوا ، في الحاضر والمستقبل .
وليشرب “بطاح” من البحر